أرقام رسمية تكشف عدد المهاجرين المُطرودين من إسبانيا منذ 2018

أخبار إسبانيا /
تواجه إسبانيا منذ سنوات تحدياً متصاعداً بسبب الهجرة غير النظامية، و التي أصبحت تعتبر إحدى القضايا الأكثر حضوراً في النقاش السياسي والاجتماعي. فزيادة أعداد الوافدين عبر البحر أو بطرق غير قانونية، إلى جانب محدودية الموارد في مراكز الاحتجاز ونقاط الحدود، يجعل إدارة هذا الملف أكثر تعقيداً، خاصة في ظل الحاجة إلى التوفيق بين الالتزامات الإنسانية والقوانين الوطنية وسياسة الحدود الأوروبية.
وفي الوقت نفسه، يجد المسؤولون الإسبان أنفسهم أمام ضغوط متزايدة لضبط الحدود وتفعيل سياسات الهجرة، بينما تتعامل البلاد مع تدفق مستمر من المهاجرين غير النظاميين الذين يغامرون بحياتهم بحثاً عن فرص حياة جديدة. هذا الواقع يضع الحكومة أمام معادلة صعبة تجمع بين الضرورات الأمنية والاعتبارات الإنسانية، ويبرز أهمية الشفافية في عرض البيانات والإجراءات المتخذة.
فمنذ العام 2018، و حسب إحصائيات رسمية, نفذت إسبانيا أكثر من 54 ألف و 500 حالة رفض دخول و23 ألف و 958 حالة طرد و19 ألف و 392 حالة إعادة، وذلك وفقاً لما أعلنته الحكومة الإسبانية في رد برلماني مكتوب, حسب ما نقلته وكالة أروربا برس.
و جاء ردّ الحكومة بعدما تقدم الحزب الشعبي المعارض بطلب للحصول على معلوماتٍ حول عدد حالات رفض الدخول والإعادة والطرد التي نُفِّذت في إسبانيا في حق المهاجرين غير النظاميين منذ 2018, بالإضافة إلى تلك التي نُفِّذت من مراكز احتجاز المهاجرين.
إقرأ أيضا
كما طلب الحزب الشعبي تفاصيل عن عدد الأشخاص الذين استقبلتهم مكاتب الحماية الدولية في مطاري أدولفو سواريث بالعاصمة مدريد, و كذا مطار برشلونة إل برات بين عامي 2018 وسبتمبر 2025، إضافة إلى متوسط مدة بقائهم في هذه المرافق.
وفي ما يتعلق بعدد عمليات الطرد والإعادة المنفذة من مراكز الاحتجاز منذ 2018 وحتى 30 سبتمبر 2025، تؤكد الحكومة أن العدد الإجمالي بلغ 15 ألف و 655 حالة، سُجِّلت منها في مركز الجزيرة الخضراء 1,714، وفي برشلونة 2,608، وفي مدريد 3,908، وفي مورسيا 2,836، وفي فالنسيا 2,127، وفي لاس بالماس 1,167، وفي تينيريفي 1,096، وفي أرتشيدونا 199.
كما تفيد البيانات أنه حتى التاريخ ذاته، بلغ عدد طالبي الحماية الدولية الذين وضعوا طلباتهم لدى المكاتب المخصصة لذلك في نقاط الحدود 24 ألف و 146 شخصاً في مطار مدريد–باراخاس و2,546 شخصاً في مطار إل برات ببرشلونة. أما عن مدة انتظارهم، فتوضح الحكومة أنه لا يمكن تحديد متوسط زمني دقيق بسبب اختلاف الظروف وعدد المتقدمين في كل فترة وطبيعة كل طلب.
صعوبة ترحيل بعض المهاجرين
و في مقابل عمليات الطرد و رفض الدخول التي نفذتها السلطات, تواجه الحكومة الإسبانية عقبات حقيقية في تنفيذ أوامر الترحيل بحق بعض المهاجرين غير النظاميين، وذلك نتيجة غياب اتفاقيات إعادة القبول مع عدد من دول المنشأ. فعندما لا توجد اتفاقيات ثنائية، ترفض بعض الحكومات إصدار وثائق سفر بديلة لمواطنيها أو استقبال المرحَّلين، مما يجعل تطبيق قرارات الطرد أمراً شبه مستحيل على أرض الواقع.
ولا تتعلق المشكلة فقط ببعد قانوني أو إداري، بل تمتد أيضاً إلى اعتبارات دبلوماسية، إذ تتجنب بعض الدول التعاون في هذا المجال لأسباب سياسية أو اقتصادية. هذا التعطيل يؤدي إلى بقاء الآلاف داخل إسبانيا حتى بعد صدور قرارات الطرد بحقهم، الأمر الذي يجعلهم يعيشون في وضع إداري هش، غير قادرين على العمل قانونياً ولا على العودة إلى بلدانهم. وتؤكد منظمات حقوقية أن هذا الوضع يخلق دوامة من الهشاشة الاجتماعية ويعيق جهود الاندماج.
المبادرة الشعبية لتسوية أوضاع المهاجرين غير النظاميين
و في سياق الحديث عن الهجرة غير النظامية, اكتسبت مبادرة تشريعية شعبية زخماً غير مسبوق في إسبانيا، إذ تهدف إلى تسوية الأوضاع القانونية لمئات الآلاف من المهاجرين غير الحاصلين على أوراق إقامة. وقد نجحت المبادرة في جمع أكثر من نصف مليون توقيع، ما سمح بإحالتها رسمياً إلى البرلمان.

وتؤكد الجهات الداعمة أن تسوية أوضاع هؤلاء الأشخاص, الذين يعيش كثير منهم في البلاد منذ سنوات طويلة, ستساهم في إدماجهم اجتماعياً واقتصادياً، وستساعدهم على الخروج من الاقتصاد الموازي الذي اضطروا للعمل فيه بسبب غياب الوثائق القانونية. وترى الجمعيات المدنية أن إدارة الهجرة يجب أن تشمل حلولاً واقعية تعترف بوجود هؤلاء الأشخاص على الأرض، وأن منحهم إمكانية الحصول على إقامة قانونية قد يخفف العبء عن نظام المساعدات، ويزيد من مساهمتهم الضريبية، ويعزز الاستقرار الاجتماعي. كما يؤكد الخبراء من جهتهم, بأن نجاح هذه المبادرة قد يشكل نموذجاً يحتذى به داخل الاتحاد الأوروبي في التعامل مع الهجرة غير النظامية من منظور إنساني وتنموي.




