القبض على شخص بسبب التحريض ضد المهاجرين والمسلمين

أخبار إسبانيا /
ألقت شرطة إقليم كاتالونيا, شمال إسبانيا, القبض في بلدة “روبي” Rubi على رجل يبلغ من العمر 30 عامًا، متهم بنشر مقاطع فيديو على شبكات التواصل الاجتماعي ذات محتوى متطرف، ظهر فيها وهو يرتدي قناعًا موجها اتهامات للمهاجرين و المسلمين بأنهم وراء ارتفاع معدلات الجريمة، كما حرّض السكان على تنظيم أنفسهم لطردهم من إسبانيا. وتم اعتقال المشتبه فيه يوم الجمعة الماضي في منزله، بعد تحقيق أجرته وحدة الجرائم المتعلقة بالكراهية والتمييز، وفقًا لما أعلنته الشرطة المحلية.
و كان التحقيق قد بدأ في شهر فبراير الماضي, بعدما تم رصد حساب على شبكات التواصل الاجتماعي ينشر مقاطع فيديو تتضمن رسائل كراهية موجهة بشكل خاص ضد أشخاص من أصل مغربي ومهاجرين مسلمين. وفي التسجيلات، كان المعتقل لا يكتفي فقط بربط المهاجرين و المسلمين بـ”جميع أنواع الأعمال الإجرامية”، بل كان يدافع صراحة عن طردهم ويدعو إلى اتخاذ إجراءات عنيفة لتحقيق ذلك.
وبحسب المحققين، فقد أصبح خطاب المشتبه فيه أكثر عدوانية وتطرفًا مع مرور الوقت. ومن أخطر الأحداث الموثقة في التحقيق قيامه بحرق حجاب خلال إحدى بثوثه المباشرة. وأشار المحققون إلى أن هذا الفعل يعكس نية واضحة في إهانة واستفزاز الجالية المسلمة.
إقرأ أيضا
وتؤكد الشرطة أن المحتوى الذي كان يشاركه الموقوف يتسم بـ”انعدام الاحترام للجالية المسلمة والتحريض على الكراهية والعنف ضد الأجانب”. وبعد اعتقاله، أُحيل إلى القضاء، في قضية تُبرز دور الشرطة في مواجهة جرائم الكراهية في الفضاء الرقمي.
وتمكنت الشرطة من التعرف على هوية المشتبه فيه، رغم استخدامه حسابًا باسم مستعار وظهوره بوجهٍ مغطى في المقاطع التي كان يشاركها، وتم اعتقاله في الرابع من ديسمبر داخل منزله في بلدة “روبي” بتهمة الكراهية ضد المسلمين والمهاجرين في إسبانيا.
جرائم كراهية المسلمين و المهاجرين في إسبانيا
تشير دراسة حديثة إلى أن 47.5٪ من العرب في إسبانيا أفادوا بأنهم تعرضوا لهجمات عنصرية أو تمييز بسبب أصلهم، في حين أن 6٪ فقط قرروا تقديم شكوى رسمية. هذا يعكس شعور الكثيرين بعدم الثقة في المؤسسات أو الخوف من العواقب، مما يجعل العديد من الحالات تمر دون تسجيل رسمي.

أما على صعيد الجرائم ووقائع الكراهية المبلغ عنها، فقد تضاعف عدد الشكاوى المتعلقة بالإسلاموفوبيا في كاتالونيا مثلا خلال ثلاث سنوات، إذ ارتفع من 22 قضية إلى 72 قضية في عام 2024، و ذلك وفق بيانات الشرطة الكطلانية. و أغلب هذه الحالات تتعلق بإهانات لفظية أو تهديدات أو تمييز في الخدمات أو مضايقات عامة، مما يدل على بيئة اجتماعية تزداد عدائية تجاه المسلمين والمهاجرين.
ورغم أن عام 2024 شهد انخفاضاً عاماً في “جرائم الكراهية” في إسبانيا بتسجيل 1955 حالة، فإن نسبة كبيرة من هذه الحالات ترتبط بـ “العنصرية” و “كراهية الأجانب”، ما يدل على أنّ المهاجرين ما زالوا يواجهون مواقف عدائية واسعة. هذه المعطيات تؤكد أن الإسلاموفوبيا وكراهية المهاجرين لا تزالان جزءاً واضحاً من المشهد الاجتماعي في البلاد.
من جهتهم, يشير عدد من الباحثين والمنظمات الحقوقية إلى أن الأرقام الرسمية هي فقط صورة جزئية للواقع, فكثير من الضحايا لا يجرؤون على الإبلاغ عن الاعتداءات خشية العزلة أو التمييز، ما يعني أن حجم المشكلة الفعلي يفوق ما تظهره الإحصاءات الرسمية. ويتزامن هذا مع تطور في استخدام الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي كمنصة لنشر خطاب الكراهية، ما يجعل التحدي أكبر أمام المجتمع والدولة لضمان الحماية والتعايش.
تصاعد الإسلاموفوبيا ورفض المهاجرين حول العالم
و على مستوى العالم, تشير تقارير حديثة إلى أنّ نسبة المسلمين الذين أفادوا بتعرضهم للتمييز في حياتهم اليومية ارتفعت إلى 47٪ بعد أن كانت 39٪ قبل أعوام قليلة. ويظهر هذا التمييز بشكل واضح في مجالات أساسية مثل العمل والسكن، حيث ذكر 39٪ أنهم واجهوا عوائق عند البحث عن وظيفة، بينما ذكر 35٪ أنهم تعرضوا للتمييز داخل أماكن العمل، كما أكد 35٪ أنهم لم يستطيعوا شراء أو استئجار منزل بسبب مواقف سلبية تجاههم.
وتبرز البيانات أيضاً أنّ الفئات الأكثر عرضة للتمييز هي النساء الشابات، خصوصاً اللواتي يرتدين لباساً دينياً، حيث أفادت 58٪ منهن بأنهن واجهن صعوبات كبيرة في الحصول على فرص عمل مقارنة بغيرهن. وتزداد هذه الممارسات في الفضاء العام أيضاً، من مضايقات لفظية إلى اعتداءات مباشرة، ما يعكس تصاعد الخطاب المعادي للمسلمين.
هذه المؤشرات مجتمعة تكشف عن انتشار أوسع لمظاهر الإسلاموفوبيا ورفض المهاجرين في عدد من الدول حول العالم. ويؤدي هذا الواقع إلى تقليص فرص الاندماج الاجتماعي، وخلق بيئة يشعر فيها الكثير من المسلمين بعدم الأمان، مما يهدد التعايش ويؤثر على الاستقرار المجتمعي على المدى البعيد.
برامج توعية ومبادرات مجتمعية داعمة لمكافحة خطاب الكراهية
تعمل المؤسسات التعليمية في مختلف المناطق على تنفيذ برامج تثقيفية تستهدف طلاب المدارس والجامعات، وتركز على تعزيز قيم التعايش وقبول الآخر. تشمل هذه البرامج ورشات عمل أسبوعية يقوم فيها مختصون بشرح الآثار النفسية والاجتماعية لخطاب الكراهية على المهاجرين والمسلمين، إضافة إلى تدريب الطلاب على مهارات التفكير النقدي وفهم كيفية انتشار المعلومات المضللة عبر الإنترنت. وتُظهِر تقارير محلية أن مشاركة الطلاب في هذه البرامج ارتفعت بنسبة 40٪ خلال العامين الأخيرين، مما يعكس اهتماماً متزايداً بمواجهة التطرف اللفظي بين الأجيال الشابة.

كما تقوم البلديات في عدد من المدن بتنظيم مبادرات تشاركية تجمع السكان المحليين مع الجاليات المهاجرة لتعزيز الاندماج الاجتماعي. وتشمل هذه المبادرات لقاءات دورية تُناقش فيها تجارب التمييز وكيفية مواجهتها، إضافة إلى فعاليات ثقافية مشتركة تُسهم في إزالة الصور النمطية وتعزيز العلاقات الإيجابية. وقد سجّلت بعض البلديات انخفاضاً بنسبة 25٪ في الشكاوى المتعلقة بخطاب الكراهية عقب عام واحد من تطبيق هذه الأنشطة، مما يدل على فعاليتها في الحد من التوترات المجتمعية.
ومن جانب آخر، تعمل المنظمات غير الحكومية والجمعيات المدنية على إدارة حملات إعلامية واسعة عبر الإنترنت تحث على احترام التنوع ونبذ العنف اللفظي. تعتمد هذه الحملات على مقاطع فيديو قصيرة وشهادات لأشخاص تعرضوا للتمييز، وتركز على توعية الجمهور بضرورة الإبلاغ عن أي محتوى يحرض على الكراهية. وقد وصلت هذه الحملات إلى أكثر من 3 ملايين مستخدم خلال سنة واحدة، وهو ما يعكس الدور المتزايد للمجتمع المدني في دعم الجهود الرسمية وتحقيق تأثير ملموس في الفضاء الرقمي.




