حسب استطلاع للرأي..الهجرة تتصدر اهتمامات الإسبان
في غضون ثلاثة أشهر فقط، انتقل موضوع الهجرة من المرتبة التاسعة على سلم اهتمامات للإسبان إلى المرتبة الأولى, و ذلك حسب اسنطلاع للرأي أجراه مركز البحوث الاجتماعية الموافق لشهر سبتمبر الجاري, و ارتفعت نسبة المعبرين عن قلقهم من موضوع الهجرة من 16.9% إلى 30.4%، متجاوزا بذلك اهتمامت أخرى من قبيل المشاكل السياسية, والبطالة, وهي أرقام قياسية لم يتم تسجيلها منذ عام 2007
و جرى الاستطلاع في نهاية شهر أغسطس، عندما سافر رئيس الحكومة، بيدرو سانشيز، إلى ثلاثة بلدان في غرب إفريقيا بهدف تعزيز التعاون في مجال مكافحة الهجرة غير النظامية، و هو ما أثر بشكل كبير في الرأي العام الإسباني بخصوص هذا الموضوع, و من المفارقات التي كشفها نفس الاستطلاع, أنه عندما يُسأل المشاركون عن المشكلات التي تؤثر عليهم شخصيًا، نجد أن الهجرة لم تعد في صدارة الاهتمامات، بل هبطت إلى المركز الخامس.
و بخصوص تزايد اهتمام الإسبان بموضوع الهجرة, تقول الخبيرة و الأستاذة بجامعة بومبيو فابرا ببرشلونة, جيما بينيول خيمينيز, أن تركيز وسائل الإعلام بشكل مفرط على الموضوع, و الانتشار الكبير للصور التي نشاهدها يوميا على شاشة التلفزيون للمهاجرين الذين يصلون بالقوارب إلى السواحل الإسبانية؛ من ناحية أخرى، ثم تزايد الخطابات السياسية بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة حول هذا الموضوع من طرف العديد من الأحزاب السياسية, بما فيها خطابات اليمين المتطرف الإسباني الذي يصور الهجرة كتهديد حقيقي للبلاد على جميع الأصعدة, كل هذا سلهم لا محالة في تضدر موضوع الهجرة لاهتمامات الإسبان.
ظاهرة بنيوية
وتنتقد الباحث, جيما بينيول خيمينيز, أيضًا الحديث عن الهجرة كما و لو أنها أزمة جديدة أو عابرة، في حين أن الوافدين غير النظاميين إلى جزر الكناري مستمرون منذ ثلاثة عقود, وتشير إلى أن “تعريف الأزمة في حد ذاته يشير إلى أنها شيء محدد لا يمكن التنبؤ به، وهذه ظاهرة هيكلية يمكننا مناقشة ما إذا كانت إدارتها سيئة أو جيدة”, وعلى الرغم من أن النقاش حول موضوع الهجرة كان موجودا دائمًا في إسبانيا، إلا أن رسائل اليمين المتطرف بشأن الهجرة تغلغلت بسرعة بين الرأي العام.
وفي الآونة الأخيرة، حدث ما يسمى “عملية إضفاء الطابع الأمني” على الهجرة، مما جعل الرأي العام في إسبانيا ينظر إلى وصول هؤلاء المهاجرين باعتباره تهديدًا أمنيا للبلاد, ولهذا السبب، تصر الباحثة على أهمية أن تكون هناك مسؤولية سياسية وجماهيرية لتجنب ذلك، وإلا فلن يتم بناء سوى “تخيلات كاذبة وحالات توتر لم تكن موجودة من قبل”.
و وفقا لبيانات وزارة الداخلية الإسبانية، ففي الفترة من 1 يناير إلى 15 سبتمبر من هذا العام، وصل ما مجموعه 37 ألف و 970 مهاجرا بشكل غير نظامي إلى إسبانيا، و ذلك عن طريق البحر والبر.
إشاعات حول الهجرة و المهاجرين
من الأكاذيب الشائعة و التي عادة ما يروجها اليمين المتطرف, سواء في إسبانيا أو في دول اوربية أخرى, هو أن المهاجرين يزاحمون السكان الأصليين في الوظائف و أنهم سبب انخفاض الرواتب كذلك, و هو غير صحيح, حيث أن المهاجرين في الغالب يشتغلون في القطاعات الأكثر ضعفًا والوظائف الأقل تأهيلاً, و من جهة أخرى, و وفقًا لمرصد سوق العمل التابع لبنك BBVA فإن الهجرة تفسر 90٪ من النمو في عدد السكان النشطين في إسبانيا منذ عام 2021
كما أن الادعاء أن المهاجرين يحتكرون الصحة العامة غير صحيح كذلك، و في هذا الصدد, أشار التقرير الأخير لمنتدى الإدماج الاجتماعي للمهاجرين، وهو هيئة مكونة من مؤسسات عامة وجمعيات المهاجرين وهيئات اجتماعية تعمل على إدماجهم, و وفقًا للمسح الصحي الوطني لعام 2017، من بين 16 مليون استشارة طبية تم إجراؤها في النظام الصحي الوطني، كان 11% منها فقط من أشخاص ولدوا في بلدان أخرى.
و من الإشاعات الأكثر سماعًا عن المهاجرين هي أنهم “يمثلون عبئًا على إسبانيا ويتمتعون بمزايا اجتماعية أكبر” و هو ما تدحضه بيانات تقرير الحد الأدنى للدخل حول المساعدة الممنوحة للأشخاص المعرضين لخطر الاستبعاد الاجتماعي, فمن أصل 305 ألف و 340 طلبا, كان 26.1٪ فقط يحملون جنسية أجنبية.
المصدرꓽ وسائل إعلام إسبانية / أخبار إسبانيا



