حكاية مروان..من مهاجر غير نظامي إلى شرطي في شوارع إسبانيا

أخبار إسبانيا /
للهجرة أوجه عديدة و حكايات كثيرة, بعضها مؤلم و بعضها يثير الانتباه, و لكل مهاجر حكاية إنسانية خاصة تحمل في طياتها تفاصيل اشتثنائية و مواقف مؤثرة, لكنها تجتمع كلها في رغبة واحدة و هي البحث عن حياة أفضل, و عن فرصة عمل تضمن للإنسان حياة كريمة, و في سبيل تحقيق ذلك لا يتوانى البعض في ركوب أمواج البحر العاتية و المغامرة بحياتهم في سبيل تحقيق هذا الحلم.
ومن بين تلك القصص المثيرة, تبرز حكاية مروان شهابي بريك، الشاب المغربي الذي أصبح اليوم شرطياً محلياً في إسبانيا. فطريقه نحو تحقيق هذا الحلم لم يكن سهلاً أبداً، إذ يعترف مروان بأنه مرّ بظروف معقدة للغاية، خاصة وأنه دخل الأراضي الإسبانية بطريقة غير نظامية وهو لا يزال قاصراً.
وقد روى مروان البالغ من العمر 28 عاما, قصته بنفسه في فيديو عُرض خلال احتفال يوم الشرطة المحلية في مدينة إشبيلية، جنوب إسبانيا, حيث يعمل حالياً، وتم تكريمه خلال الفعالية تقديراً لإصراره على تحقيق حلمه والانضمام إلى صفوف الشرطة بعد تجاوزه امتحانات الالتحاق الصعبة.
حلم الهجرة منذ الطفولة
و كما ورد في تقرير أعدته وكالة الأنباء الإسبانية إيفي فإن مروان وُلد في مدينة القنيطرة الواقعة على بُعد نحو 30 كيلومتراً من الرباط, في كنف أسرة متواضعة, حيث يعمل والده حلوانياً، بينما والدته ربة بيت. ومنذ صغره كان مروان يحلم بالسفر إلى إسبانيا بحثاً عن مستقبل أفضل، فحاول مراتٍ عدة تحقيق ذلك وهو لا يزال دون سن الرشد.
إقرأ أيضا
وفي إحدى محاولاته، اختبأ تحت حافلة حتى وصل إلى مدينة طنجة، ثم تسلل لاحقاً تحت شاحنة تمكنت من الصعود على متن سفينة متجهة إلى ميناء الجزيرة الخضراء في جنوب إسبانيا. وعندما أدرك أنه تجاوز الحدود بنجاح، لم يتمالك نفسه من شدة الفرح حيث خطى خطوته الأولى نحو تحقيق حلم الطفولة.
من مراكز القاصرين إلى حياة جديدة
يروي مروان قائلاً: «ما إن وصلت إلى اليابسة حتى أوقفتني الشرطة ونقلتني إلى مركز للقاصرين غير المصحوبين، وبعد فترة قصيرة تم نقلي إلى مركز آخر في إشبيلية بسبب كثرة القاصرين الوافدين». وبعد أن بلغ مروان الثامنة عشرة من عمره، مُنح فرصة السكن في شقة تابعة للحكومة المحلية بإقليم الأندلس، مكافأة له على حسن سلوكه، حيث عاش هناك مع شبانٍ كانوا مثله تحت رعاية الدولة الإسبانية.
وبعد إنهائه المرحلة الإعدادية، وجد نفسه مضطراً للبحث عن بديل يساعده في مواصلة حياته، فلجأ إلى جمعية تعنى بشؤون المهاجرين, و التي استقبلته ووفرت له المأوى والتعليم. يقول مروان بتأثر: “هؤلاء الناس يريدون الخير للآخرين، علموني الكثير واهتموا بي في وقتٍ لم يكن أحد يهتم لأمري.”
من أسفل شاحنة في طنجة إلى شرطي في إشبيلية
بفضل احتضان من حوله وإصراره الكبير، استطاع مروان أن يشق طريقه نحو النجاح، حيث اجتهد في دراسته وتدريبه حتى اجتاز اختبارات الشرطة المحلية بنجاح. ويتحدث عن لحظتين لا تُنسَيان في حياته.

يقول مروان و هو يغالب دموعه, “تأثرتُ بشدة مرتين في حياتي: الأولى عندما كنتُ مختبئاً تحت الشاحنة التي صعدت إلى السفينة بعد أن تجاوزت كل التفتيشات، بكيتُ من شدة الفرح؛ والثانية عندما اتصلوا بي ليخبروني أنني نجحت في امتحان التوظيف، فعاد إلى ذهني نفس المشهد القديم”.
و في عمله اليومي، يصادف مروان العديد من المهاجرين المغاربة و الذين يُفاجأون برؤيته يرتدي الزي الرسمي: “إنهم يُحبون رؤية مهاجر مغربي يعمل كضابط شرطة”, يقول مروان.
وهكذا، احتفت شرطة إشبيلية المحلية بقصة مروان المؤثرة التي تجسد روح الإصرار والتغلب على الصعاب، إلى جانب ترحيبها بـ 75 شرطياً جديداً، كان بينهم الشاب المغربي الذي أثبت أن الأحلام يمكن أن تتحقق بالإرادة والصبر والعمل الجاد.




