معاناة المسلمين لدفن موتاهم تتواصل بإسبانيا

أخبار إسبانيا /
معاناة المسلمين لدفن موتاهم تتواصل في إسبانيا, حيث تجد الجالية المسلمة و التي يصل عددها حوالي مليوني شخص, صعوبات كبيرة في إيجاد مساحات تخصص لدفن موتى المسلمين حسب ما تقتضيه تعاليم الدين الإسلامي, و في هذا الإطار, أعلنت جمعية الرحمة الإسلامية في مدينة الجزيرة الخضراء, بإقليم الأندلس, جنوب إسبانيا, أنها تدرس تقديم استئناف أمام المحكمة العليا الإسبانية عقب حكم المحكمة العليا في إقليم الأندلس و الذي ألغى الاعتراف القضائي السابق بحقها في تخصيص مساحة للدفن الإسلامي في المقبرة البلدية, وقد أيد الحكم، الصادر في 29 أكتوبر/تشرين الأول، استئناف مجلس المدينة، وخلص إلى أن المجلس لم ينتهك الحقوق الأساسية في هذا الشأن، مُلغيًا بذلك القرار الذي قضى بتخصيص مساحة محددة للجالية المسلمة لدفن موتاهم.
وفي بيان لها، أكدت الجمعية، برئاسة محمد الخماس المقدم، أن حكم المحكمة العليا في الأندلس “لا يشكك في شرعية الطلب”، بل يركز في تحليله على القضايا الإجرائية، وأعلنت أنها ستستأنف الحكم و ذلك دفاعا عن ما أسمته “الحقوق الدينية والجنائزية لمواطني الجزيرة الخضراء المسلمين”, و تُصرّ الجمعية على أن طلبها “لا يتعلق بمقبرة إسلامية”، بل بتخصيص منطقة داخل المقبرة البلدية لدفن موتى المسلمين وفقًا لتعاليم الدين الإسلامي، وذلك في إطار ما ينص عليه القانون رقم 26/1992 بشأن التعاون بين الدولة الإسبانية والمفوضية الإسلامية في إسبانيا.
كما تنفي الجمعية وجود مساحة حاليًا في منطقة “بوتافويغوس” لإجراء عمليات الدفن تحت الأرض وفقًا للتعاليم الإسلامية، مما يُناقض الرواية التي قدمها مجلس المدينة بعد صدور الحكم. ووفقًا لجمعية الرحمة، “لا توجد مساحة مخصصة ولا إجراء إداري يسمح بالدفن وفقًا للطقوس الإسلامية”، وهو ما دفع إلى اتخاذ الإجراء القانوني. و تؤكد الجمعية من جهتها, أنه “لو كان هذا الاحتمال موجودًا، لما كان من الضروري اللجوء إلى المحكمة”.
كما ترفض الجمعية الحجج المتعلقة بالقيود الفنية أو الصحية المزعومة, مشيرة أنه “لا توجد عوائق صحية أو بيئية، وإنما غياب الإرادة السياسية للامتثال لتشريعات الحرية الدينية”.
مجلس البلدية يدافع عن القرار
من جانبه، دافع مجلس مدينة الجزيرة الخضراء عن حكم المحكمة، مؤكدًا أن مقابر البلدية “غير طائفية ومفتوحة لجميع المعتقدات”، ومشيرًا إلى وجود أراضٍ في “بوتافويغوس” مخصصة لدفن أتباع مختلف الديانات مع وجود “الضمانات الصحية والبيئية” اللازمة, وينص حكم المحكمة العليا الأندلسية على وجوب حل النزاع عبر القنوات الإدارية العادية، وليس من خلال الإجراء الخاص بحماية الحقوق الأساسية الذي تتبعه الجالية المسلمة.
وتؤكد جمعية الرحمة الإسلامية أن مطالبها تندرج في إطار المساواة في المعاملة وممارسة الحقوق المعترف بها قانونًا، دون أن يعني ذلك أي امتياز, و في هذا الصدد, صرح رئيس الجمعية أن “هدفنا ببساطة هو ممارسة حق مشروع، يُقره القانون وينص عليه مبدأ المساواة. نريد أن يتمكن مواطنو الجزيرة الخضراء المسلمون من توديع أحبائهم وفقًا لديانتهم، في نفس المقبرة البلدية التي تخص الجميع”.
إقرأ أيضا
وفي حين تُعدّ الجمعية استئنافًا محتملًا، تُؤكد التزامها بالقنوات المؤسسية، وتُكرّر احترامها لحكم محكمة العدل العليا في إقليم الأندلس مع أنها تُحذّر من أنها ستواصل الدفاع عن حقوقها “بحزم وفي حدود القانون”. وتنتظر القضية، التي أثارت جدلًا في المدينة بشأن ترتيبات جنازات الأقليات الدينية، قرار المحكمة العليا بشأن قبول الاستئناف المُعلن.
مدينة أليكانتي تسمح بالدفن الإسلامي
و ارتباطا بموضوع الدفن الإسلامي, قرر مجلس مدينة أليكانتي, وسط غرب إسبانيا, إدخال تغيير جوهري على مشروع توسعة مقبرة “نوسترا سينورا ديل ريميديو” البلدية. حيث وافق المجلس على إنشاء منطقة مخصصة لمقابر موجهة نحو مكة المكرمة لدفن موتى المسلمين، وأخرى تتماشى مع الطقوس اليهودية في الدفن. هذا الإجراء، وإن لم يُزيد من التكلفة الممنوحة والبالغة 3.3 مليون يورو، يُغير التصميم المُخطط له في البداية للتوسعة، وقد أثار جدلاً واسعاً بسبب طابعه الديني.

و من المنتظر أن يسمح هذا التعديل بوضع القبور على الأرض بما يتوافق مع متطلبات الديانتين. ففي حالة الشعائر الإسلامية، ستكون القبور موجهة نحو مكة المكرمة. و ستقع المنطقة المُخصصة بالكامل في الجزء الجنوبي الشرقي من المقبرة الموسعة. و يأتي هذا القرار في سياق تشهد فيه أليكانتي نمواً مُطرداً في عدد سكانها المغاربيين، وزيادة في طلبات الدفن وفقاً لتعاليم الدين الإسلامي.
و رغم عدم كفاية المساحة المخصصة للدفن الإسلامي, ترى الجالية المسلمة القاطنة بالمنطقة بأن المدينة و باعتمادها هذا الإجراء الهام, تفتح مسارًا إيجابيا لأول مرة لتجنب عمليات إعادة الموتى إلى الوطن الأصلي أو السفر إلى البلديات المجاورة بحثا عن أماكن متاحة للدفن الإسلامي.
وتؤكد السلطات المحلية أن التعديل لا يؤخر التوسعة أو يزيد الميزانية، على الرغم من أن المشروع، الذي مُنح في مارس 2024، قد واجه بالفعل عدة تأخيرات فنية. ويبقى الهدف الرسمي هو معالجة النقص الحالي في أماكن الدفن، وتوفير ما يقرب من 2550 وحدة دفن جديدة.




